سلامٌ للقُدْسِ، لا استفزاز

“وَفِيمَا يسوعُ يَقْتَرِبُ نَظَرَ إِلَى الْمَدِينَةِ (القدس) وَبَكَى عَلَيْهَا قَائِلاً: “إِنَّكِ لَوْ عَلِمْتِ أَنْتِ أَيْضاً، حَتَّى فِي يَوْمِكِ هذَا، مَا هُوَ لِسَلاَمِكِ! وَلكِنِ الآنَ قَدْ أُخْفِيَ عَنْ عَيْنَيْكِ”.

تلقّت الشركة العالميّة للكنائس المصلحَة بيانَ الرئيس ترامب الذي يعترف بالقدس عاصمةً لإسرائيل، وتوجيهَه وزارةَ الخارجيّة الأميركيّة لنقل السفارة إلى القدس، بتخوّف وقلقٍ على مسيرة السلام التي كان الكلُّ يتوقون إليها ويجهدون لتحقيقها.

إنّ الهيئة العامّة للشركة العالميّة للكنائس المصلحَة، في اجتماعها هذا الصيف في لايبزغ، كانت قد أكّدت أنّه “بما خصّ حالةَ المظالمِ والآلام المستشرية في فلسطين، وصرخةَ الجماعات المسيحيّة الفلسطينيّة، فإنّ سلامةَ الإيمان المسيحي وفاعليّتَه هما على المحَكّ”، وألزمت نفسها بأن “تسعى إلى تعزيز مبادرات الحوار، وخدمات السلام المدنيّة، والوساطات، وتجنُّبِ الصراعات والتهجير”.

إنّ خطوة إدارة ترامب هذه تتعارض مع التوافق الدُولي القائم والمدعّم من الجمعيّة العموميّة للأمم المتّحدة ومجلس الأمن؛ كما أنّها تتناقض مع سياسة الولايات المتّحدة المتّبعَة لعقود، وتجعل أيَّ اتفاقيّةٍ لسلامٍ تفاوضي أكثرَ صعوبةً، وترفع منسوبَ العنف في المنطقة، وتزيدُ من التهديدات ضد المسيحيين هناك.

إنّ الحوارات، لا التصريحات الاستفزازيّة، هي التي تُمهِّد طريقَ السلام والعدالة. إننا ندعو كنائسَنا الأعضاء ليرفعوا الصوتَ ضدَّ كلِّ خطوةٍ تولّد العنفَ في الشرق الأوسط وتعرقل الحوار.

إننا نُعْلي أصوات أخَواتنا وإخوتنا في القدس، الذين قالوا في رسالة مفتوحةٍ إلى الرئيس ترامب ما يلي:

“كلُّ الذين يحبّون القدسَ يمتلكون الإرادةَ لجعلها مكاناً ومدينةً للسلامِ والحياةِ والكرامةِ لجميع سكّانها. صلواتُ كلِّ المؤمنين فيها – الأديان الثلاثة والشعبان، الذين ينتمون إليها – تُرفع إلى الله طالبةً السلام، كما يقول المرنّم: يَا إِلَهَ ٱلْجُنُودِ، ٱرْجِعَنَّ. ٱطَّلِعْ مِنَ ٱلسَّمَاءِ وَٱنْظُرْ وَتَعَهَّدْ هَذِهِ ٱلْكَرْمَةَ (مزمور 80: 14). ألْهِمِ، اللهمَّ، قادتَنا، واملأ أذهانَهم وقلوبَهم عدلاً وسلاماً.”

تضامناً مع أخواتنا وإخوتنا في القدس والشرق الأوسط وحول العالم، ندعو إدارةَ ترامب لتعيد النظر في إعلانها الاعتراف بالقدس عاصمةً لإسرائيل.

يدعونا فصل المجيء للانتظار، كما للانخراط في مسيرة سلامٍ متجذّرة في العدالة والاحترام والسلام لجميع البشر. ندعو كنائسَنا الأعضاء للانضمام إلينا في هذه المسيرة والصلاة:

ربَّنا الكريم،
في هذه الأوقات العصيبة
نتطلّعُ إليكَ برجاء.
إن راودتْنا الشكوكُ في الأفعال،
نأتي إليك بإيمان.
إن أحاطت بنا المظالم،
نعلم أنّك تجلب الفرح
إن طغى العنفُ،
نَنشدُ سلامَك.
اِعمَلْ بنا، يا إلهَنا؛ ولْيَدُمِ السلامُ في أرض السلام المقدّسة هذه ويثبتِ الرجاء.
آمين.

Comments are closed.